×
×

قانون المناولة ... هل يُعالج الحل القانوني أزمة اقتصادية؟

في خضم الجدل الذي أثاره قانون إلغاء عقود المناولة والعمل بالعقود غير محددة المدة (CDI)، تتباين المواقف بين من يراه إنصافًا للطبقة الشغيلة ومن يعتبره مقاربة عنيفة لمشكلة اقتصادية عميقة.


منتصر بالله جعوان - ممثل منظمة ALERT (SonFM)
قسم الأخبار
قسم الأخبار
2025/07/02 09:23
TT
11

في خضم الجدل الذي أثاره قانون إلغاء عقود المناولة والعمل بالعقود غير محددة المدة (CDI)، تتباين المواقف بين من يراه إنصافًا للطبقة الشغيلة ومن يعتبره مقاربة عنيفة لمشكلة اقتصادية عميقة.

 انقسام سياسي وإيديولوجي حاد 

منتصر بالله جعوان، ممثل منظمة ALERT، أوضح على موجات إذاعة Son FM أن "قانون المناولة خلق مجموعة من الاختلافات في الرأي التي أخذت بعدا إيديولوجيا سياسيا بين اليمين الذي يعرب عن قلقه من هذا القانون واليسار الذي عبّر عن احتفائه به باعتباره يخدم مصلحة العمال والطلبة الشغيلة". 
لكن المنظمة التي تضم في صفوفها مختلف التوجهات، لم تتوصّل إلى "رأي موحد وجامع حول هذه المسألة "، وهو ما يعكس حجم التباين داخل المجتمع المدني تجاه هذا التحول في التشريعات العمالية.

 قانون مسقط... وعلاج خاطئ لمشكلة اقتصادية 

في خضم هذا السجال، يدعو جعوان إلى تجاوز الصراع الإيديولوجي والنظر إلى المسألة من زاوية اقتصادية بحتة، مؤكّدًا أن "مشكلة العقود ليست قانونية بل هي مشكل اقتصادي ".
فالمعادلة، كما يراها، واضحة: "حين تُخلق مواطن شغل عبر الاستثمار، يصبح للعاملين قدرة على التفاوض بشأن العقود والامتيازات ". أي أن المعضلة تكمن في بنية الاقتصاد وليس في طبيعة العقود وحدها.

ويُضيف: " السلطة السياسية قدمت حلولا جزئية تمثلت في إلغاء جزئي لعقود المدة CDD، واعتماد عقود CDI، وتجريم وإلغاء المناولة كليًا "، واصفًا هذه المقاربة بـ"العنيفة"، إذ أنها لجأت إلى أدوات قانونية زجرية: "تجريم، إلغاء، سجن، وزارة داخلية، وزارة عدل..." .

 قانون أربك المؤسسات ولم يُحفّز التشغيل 

يشير ممثل ALERT إلى أن "القانون خلق ارتباكًا كبيرًا داخل المؤسسات، كما عطّل الانتداب "، خاصة في قطاعات حيوية كالسياحة التي "شهدت تطبيقًا خاطئًا للقانون نتيجة غموضه وغياب حملات تفسيرية تُهيّئ الأرضية لتنفيذه ".
ويُضيف أن خطاب السلطة الذي اختزل الموقف في "تطبيق القانون أو السجن" هو خطاب "عنيف لا يشجع على خلق مواطن شغل بل يكرّس الخوف والتردد ".

 نقاش غير تشاركي وغياب دراسات اقتصادية 

من جهة أخرى، يُندّد جعوان بغياب مقاربة تشاركية حقيقية في نقاش القانون داخل البرلمان، مُشيرًا إلى أن "أهم طرف لم يُشرك في النقاشات هو الاتحاد العام التونسي للشغل "، كما يؤكد أنه "ليست هناك أي دراسة اقتصادية لهذا القانون الذي يمس أكثر من مليوني عامل ".

ويضيف: " السلطة السياسية ذهبت بشكل سريع نحو تطبيق هدفها، دون دراسة لتأثيرات القرار على الاقتصاد والمؤسسات "، متسائلًا: "هل سيفيدنا هذا القانون أم سيضرنا؟ هذا السؤال يجب أن يُوجّه للسلطة السياسية وليس للمنظمات ".

 الحل في النمو لا في الزجر 

في ظل هشاشة الطبقة العاملة وتعدد العقود القصيرة والمناولة، يرى جعوان أن الحل الحقيقي يكمن في " نمو اقتصادي شامل يخلق الثروة ويمس الجميع"، مشددًا على ضرورة "إلغاء التراخيص وكراسات الشروط والاقتصاد المكبل في كل القطاعات "، حتى يتم تحرير طاقة الاستثمار.

ويختم بتأكيده أن "المستثمر تغيرت عليه قواعد اللعبة أكثر من مرة، مما خلق حالة من الارتباك "، مضيفًا أن "الاستغناء عن الحلول القانونية العنيفة، والعمل مع المستثمرين وتشريكهم ومحاورتهم ودعمهم، هو السبيل لخلق مواطن الشغل ". فـ" هنالك طرق أخرى بخلاف التشريع والسجن، كالحوار والتشارك ".

ما بين خطاب رسمي زجري وواقع اقتصادي هش، يبرز قانون المناولة كتعبير عن فجوة عميقة في رؤية الدولة لمعالجة البطالة. وبينما ينادي البعض بالإنصاف القانوني، ينبه آخرون من أن الحلول القسرية لا تصنع فرصًا بل تؤجل الانفجار.


مقالات ذات صلة

من نحن ؟

"SON FM" هي إذاعة قرب تونسية جمعياتية جامعة وإيجابية

تابعونا

2024 © كل الحقوق محفوظة. تصميم و تطوير الموقع من قبل CreaWorld